Admin Admin
عدد المساهمات : 172 تاريخ التسجيل : 14/08/2015
| موضوع: فضل قضاء حوائج المسلمين الثلاثاء 24 نوفمبر 2015, 10:19 pm | |
| إن أحسن العبادة بعد الفرائض هو ما تعدَّى نفعه لغيرك، ولذلك بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم قيمة العمل الذي يعمله الإنسان لبني الإنسان وبيَّن أنَّه أكبر النوافل في الثواب عند حضرة الرحمن.
ماهي أكبر النوافل في الثواب؟ تعالوا معي نستعرض بعض ما ذكره النبى الأواب صلى الله عليه وسلم: يظنّ بعض الناس أن أكبر النوافل هي قيام الليل أو صيام النهار أو تلاوة القرآن أو تكرار الحج والعمرة لبيت الله الحرام .. هذا صحيحٌ إذا لم يكن هناك عملٌ يستطيع أن يُقدّمه لمن حوله من بني الإنسان، واسمع إلى حضرة النبى الصفىّ صلى الله عليه وسلم وهو يقول لصحبه الكرام ولنا ولمن قبلنا ولمن بعدنا منبهاً وموضحاً، وأعيرونى أسماعكم وفهمكم بارك الله فيكم وعليكم: {أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلاَةِ؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: إصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ، فَإنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ، لاَ أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعْرَ، وَلكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَ}{1}
بمعنى أن الأخ المسلم لو يقضى بعضاً من ليلة في الصلح بين إثنين متخاصمين خيرٌ له من قيام هذه الليلة راكعاً ساجداً لمولاه أو تالياً لكتاب الله أو ذاكراً لحضرة الله، لأن العمل الذى يقدّمه لله هو العمل الذى يتعدّى المرء إلى ماعداه، قيام الليل وصيام النهار وتلاوة القرآن والذكر والحج أعمالٌ صالحة يقول فيها الله: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ} الجاثية15 ومعي شاهدٌ من العصر الأول:
تعالوا بنا ننظر إلى قيام الصديق لليل فكيف كان قيامه؟ ذهب عمر بن الخطاب إلى امراة مُقعدة في بيتها ولا تجد من يخدمها، وكلما ذهب إليها وجد بيتها وقد جُهّز ونُظفّ، وحاجاتها قد قُضيت فسألها: يا أمة الله من الذى يأتى إليك ويقضي هذه الحاجات ؟ قالت: رجلٌ لا أعرفه، قال متى يأتيك؟ قالت: قبل الفجر بساعة، أو قالت كما قيل في بعض الروايات عند الآذان الأول، والآذان الأول كان يؤذّن قبل الفجر بساعة، فذهب قبل الموعد وتخفى في بعض نواحي الطريق لينظر من يأتيها. فإذا بأبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه يذهب إلى هذه المرأة يكنس بيتها ويُحضر الماء والطعام لها، ويُنظّف هيئتها ويتركها على خير حال، لأن هذه هى العبادة الأرقى والأسمى التى علمها له نبيّنا الكريم ورسولنا الرؤف الرحيم صلى الله عليه وسلم
وأراد صلى الله عليه وسلم أن يبيّن ذلك لأصحابه الكرام، فذات يوم بعد صلاة الصبح التفت إلى صحبه سائلاً وكثيرا ما كان صلى الله عليه وسلم يعقد لهم الدورات الخاصة بعد صلاة الفجر: {أَيُّكُم أَصْبَحَ صَائِماً؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله، قال: أيُّكُمْ عادَ مَرِيضاً؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله، قال: أَيُّكُمْ شَيَّعَ جِنَازَةً؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله، قال: أَيُّكُمْ أَطْعَمَ مِسْكيناً؟ قال أبو بكر: أنا يا رسول الله، قال: مَنْ كانَتْ لَهُ هَذِهِ الأربع، بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ في الجنَّةِ}{2}
أراد أن يعلمهم أن الصديق بدأ يومه بالصيام الذى يقرّبه لرب العالمين عز وجل، ولكنه أكثر من العبادات التي تنفع المؤمنين كعيادة المريض، الجنازة، وإطعام المسكين.
وفي حديث آخر بيّن النبى صلى الله عليه وسلم الأعمال التى ينبغي أن تكون دأب المسلمين في كل زمان ومكان وخاصة في هذا العصر والزمان، فقال صلى الله عليه وسلم: {من مشى في حاجة أخيه ساعة من ليل أو نهار قضاها أو لم يقضها كان خيرا له من اعتكاف شهرين}{3} وروى: {مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُل خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا سَبْعِينَ حَسَنَةً وَمَحَى عَنْهُ سَبْعِينَ سَيئَةً إِلَى أَنْ يَرْجِعَ مِنْ حَيْثُ فَارَقَهُ، فَإِنْ قُضِيَتْ حَاجَتُهُ عَلَى يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ ذُنُوبِهِ كَيَوْمَ وَلَدَتُهُ أُمُّهُ، وَإِنْ هَلَكَ فِيمَا بَيْنَ ذلِكَ دَخَلَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ}{4}
وقد فقه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ووعوه وطبقوه حياتياً وعملياً، واسمعوا لقصة سيدنا عبدالله إبن عباس إذ كَانَ مُعْتَكِفاً فِي المَسْجِدِ النبوىِ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَا فُلاَنُ أَرَاكَ مُكْتَئِباً حَزِيناً؟ قَالَ: نَعَمْ: {يَا ابْنَ عَمِّ رَسُولِ اللَّهِ، لِفُلاَنٍ عَلَيَّ حَقُّ وَلاَءٍ، وَحُرْمَةِ صَاحِبِ هذَا الْقَبْرِ مَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَفَلاَ أُكَلِّمُهُ فِيكَ، فَقَالَ: إنْ أَحْبَبْتَ؟ قَالَ: فَانْتَعَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ، ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْمَسْجِدِ. فَقَالَ لَهُ الرَّجُلُ: أَنَسِيتَ مَا كُنْتَ فِيهِ؟ قَالَ: لاَ، وَلَكِنِّي سَمِعْتُ صَاحِبَ هذَا الْقَبْرِ، وَالعَهْدُ بِهِ قَرِيبٌ فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، وَهُوَ يَقُولُ: مَنْ مَشَى فِي حَاجَةِ أَخِيهِ، وَبَلَغَ فِيهَا كَانَ خَيْراً لَهُ مِنِ اعْتِكَافِ عَشْرِ سِنِينَ، وَمَنِ اعْتَكَفَ يَوْماً ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى جَعَلَ اللَّهُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ ثَلاَثَ خَنَادِقَ أَبْعَدَ مِمَّا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ}{5}
الحب للمؤمنين والحب لرسول رب العالمين، والحب لله هو الترجمة العملية التى تُصلح شأن مجتمعنا، فقد قال صلى الله عليه وسلم: {أَدبُوا أَوْلاَدَكُمْ عَلَى ثَلاَثِ خِصَالٍ: حُبِّ نَبِيكُمْ، وَحُبِّ أَهْلِ بَيْتِهِ، وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، فَإنَّ حَمَلَةَ الْقُرْآنِ فِي ظِل اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ مَعَ أَنْبِيَائِهِ وَأَصْفِيَائِهِ}{6}
ركّز النبي صلى الله عليه وسلم على ما ذكرناه لبناء مجتمع إيماني سديد، فكان يُربّي أصحابه على النقاء وعلى الصفاء وعلى الوفاء، ثم بعد ذلك يدعوهم لتنشيط الأعضاء بخدمة إخوانهم طمعاً في مرضاة الله، وعبادة الله كما أمر وكما بيّن في قرآنه العظيم. | |
|